المغالطات المنطقية (2): المأزق المفتعل

لو مش عارف يعنى ايه مغالطات منطقية وحابب تعرف هى ايه وأهميتها وأنواعها والهدف من السلسلة دى، تقدر تشوف المقدمة عن موضوع المغالطات المنطقية من هنا.

ايه هى مغالطة المأزق المفتعل؟

المغالطة دى ليها كذا اسم منهم المأزق المفتعل (false dilemma) أو القسمة الثنائية الزائفة (false dichotomy) أو مغالطة الأبيض والأسود (black-and-white thinking)، وفكرتها أن الشخص اللى بيعمل المغالطة دى بيحطنا قدام اختيارين أو احتمالين ملهومش تالت رغم وجود اختيارات أو احتمالات تانية غير اللى هو بيعرضهم.

وغالباً ما الشخص ده بيحط الرأى أو الموقف اللى بيتبناه أو مقتنع بيه كواحد من الاختيارين دول والاختيار التانى بيكون حاجة غلط تماماً أو رأى متطرف بحيث أنه لو ما اتفقتش معاه على الرأى بتاعه يبقى أنت اخترت الاختيار التانى. وأسهل طريقة بيتم بيها صياغة المغالطة هى أنه يتقال إما كذا أو كذا (either-or)، وبالتالى لما حد يقول حاجة زى كدة محتاجين نسأل نفسنا إذا مكنش فيه فعلاً احتمالات أو اختيارات تانية!

شوية أمثلة

إما أن تكون مسلماً أو ...

مغالطة (1): ما أن تكون مسلماً تتقبل الإسلام كاملاً كما جاء، أو أنك ستحاول اختراع إسلام جديد تختار منه ما يعجبك وحينها لن يسمى هذا المنهج إسلاماً وإنما سيكون ديناً جديدًا."

التحليل والرد: فى أحيان كتير اللى بيقول كدة بيبقى عايز يحتكر فهم معين لأمور دينية باعتبارها هى التصور والفهم الأوحد للدين، وبدل ما يوضح هى ليه الأمور دى تعتبر من صميم الدين بيفتعل المأزق بتاع لو أنت مش مقتنع بالكلام اللى بقوله يبقى متقولش على نفسك مسلم وأنت كدة بتخترع دين جديد، وكأن مفيش احتمالات تانية زى أن حد عنده فهم أو تأوويل مختلف لكنه مسلم عادى أو أن الشخص صاحب المغالطة دى هو اللى بيخترع حاجات من عنده وبيقدمها على أنها هى اللى صح.

مغالطة (2): إما أن تكون مسلماً وتكفر بالعلمانية وإما أن تكون علمانياً وتكفر بالإسلام.

مغالطة (3): إما أنك تكون شخص مؤمن بالدين ورافض للعلم والإنسانية أو تكون شخص عقلانى وتصدق العلم.

التحليل والرد: هنا اللى بيقول الكلام ده بيحاول يقدم الإسلام والعلمانية أو الدين والعقلانية/الإنسانية باعتبارهم متضادين تماماً وبيحسس المتلقى أنه كدة مضطر يختار حاجة واحدة من الاتنين ويرفض التانية ومفيش أى اختيارات تانية أو مفيش درجات وسط.

مغالطة (4): إزاى انتى محجبة ومع ذلك بتقولى على نفسك نسوية؟

التحليل والرد: طبعاً الحجاب والنسوية مش حاجتين عكس بعض، وبالتالى اللى بترد مش مضطرة تبرر أو تستجيب لمحاولة الشخص ده أنه يحسسها أن عندها تناقض.

قضايا مجتمعية وسياسية

مغالطة (5): ليه ندعم اللاجئين ونوفرلهم فرص عمل وخدمات بدل ما ندعم ولاد بلدنا المحتاجين؟

التحليل والرد: المشكلة فى صياغة الكلام بالشكل ده أنه بيدى انطباع أنه ياما ندعم اللاجئين ياما ندعم ولاد البلد وكأنه مينفعش ندعم الاتنين فى نفس الوقت.

مغالطة (6): لو مش هنرفع الدعم يبقى هنفشل فى علاج الموازنة وهنسيب الاقتصاد ينهار.

التحليل والرد: ممكن رفع الدعم يكون أحد الطرق لعلاج الموازنة لكن هل مفيش حلول أو بدائل تانية؟

مغالطة (7): لو مش هتعبر عن تعاطفك مع القضية الفلسطينية يبقى أنت بتدعم الصهيونية وموافق على الانتهاكات اللى بتحصل.

مغالطة (8): لو مش هنصدق الناجيات فاحنا كدة موافقين على التحرش والاعتداءات الجنسية.

التفكير بطريقة الأبيض والأسود والصحة النفسية

يمكن الأمثلة اللى فاتت سهل نطلع منها المغالطة اللى حصلت، ومع ذلك كتير مننا بيقع فى طريقة التفكير دى بشكل واعى أو لا واعى فى نظرته للأمور الشخصية واللى ممكن تتسبب أو تزود من حدة مشاكل نفسية زى القلق (anxiety) والاكتئاب (depression) وتأثر على علاقاته بالناس وعلى قراراته فى الحياة عموماً.

فمثلاً لما نقول حاجات زى أنى مش هكون سعيد غير لما أحقق حاجة معينة، أو أنا شخص فاشل عشان فيه حاجة غلطت فيها، أو لو حد بيرد عليا متأخر يبقى متضايق منى ومش بيحبنى، وغيرها من الحاجات اللى ممكن من غير ما ناخد بالنا بنعملها وتخلينا نبص للمواقف اللى بنمر بيها على أنها ياما أبيض ياما أسود، أو أن الأشخاص إما كويسين أو سيئين بشكل مطلق، أو أن الإنسان يإما يكون ناجح ياما يكون فاشل وكأن مفيش درجات وسط أو احتمالات تانية نفسر بيها الحاجات اللى بتحصل معانا.

فغياب التفكير المنطقى هنا ممكن يزود من إحساسنا بالإحباط أوالضيق أو القلق، وحسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) فالنمط ده من التفكير بيسموه الdichotomous thinking واللى بيعتبر خلل إدراكى أو معرفى (cognitive distortion)، ومحاولة التقليل من طريقة التفكير دى وأننا أصلاً ناخد بالنا أننا بنعملها بتساعد فى تحسين الحالة النفسية، وفيه أخصائيين نفسيين بيتدربوا على الحاجات دى عشان يدربوا الناس عليها كجزء من العلاج النفسى.

Comments